جماليات حركات الاحتجاج

لباس الأفارقة-الأمريكان الأنيق في حراك حقوق المواطن، قبعة الفهود السود الشهيرة، الفساتين القطنية البيضاء التي لبستها المتظاهرات المطالبات بحق النساء بالتصويت، السترات الصفراء في فرنسا: عن الرابط الهام بين الأزياء وحركات الاحتجاج في الماضي والحاضر.


“يمكننا أن نعرف بأن الاحتجاج يقترب، حسب الملابس”، قالت مرة ديانا فريلاند، صحافية ومحررة أزياء اسطورية في مجلة هاربر بازار.


 


الأمثلة من حولنا كل الوقت: عام على حرب اوركرانيا، حراك الحجاب في ايران وبالتأكيد الاحتجاجات ضد الاصلاح القضائي في بلادنا. على مر التاريخ، كان هناك تزاوج ما بين الآراء السياسية ومطالب التغيير وتشكيلات الملابس والاكسسوارات. في بعض الأحيان، تمت خياطة رسائل ناعمة وأنيقة بخيوط دقيقة، وفي أحيان أخرى كانت الرسائل صارخة وتم التعبير عنها بألوان الأقمشة المشبعة على مقدمة القمصان. كان لا بد لنا أن نتساءل عن الرابط ما بين الأزياء وحركات الاحتجاج، أو الأدق أن نتساءل- كيف يلبس الناشطون؟

أحياناً، يرتدون ملابس مماثلة ليتوحدوا من خلف الهدف. تميزت احتجاجات حركة حقوق المواطن التي قادها الأفارقة- الأمريكان في الولايات المتحدة في منتصف القرن الماضي مثلاً باللباس الرسمي والنيق: الرجال ببدلات غامقة وفخمة والنساء بحشمة وباللون الأسود- هذا بهدف كسر الصورة النمطية الشعبية التي التصقت بمجتمعهم المستضعف الذي طالب بحقوق متساوية.

في المقايل، اعتمد الفهود السود اسلوبا أكثر تطرفاً وتبنوا مظهراً عسكرياً ومقاوماً تميز بمعاطف الجلد، السراويل السوداء وقبعة البيريه الشهيرة، ذلك بوحي من العصابات الفرنسية في الحرب للعالمية الثانية.

لبست ممثلات الحراك المطالب بحق التصويت للنساء فساتين بيضاء من القطن في المسيرات التي نظمنها. ولقد فعلن ذلك ليس فقط لابراز ظهورهن ووحدتهن انما كذلك لأن القطن يعتبر قماش سهل للغسيل والعناية، لا سيما وأن الحديث كان عن نساء لا يزلن مسؤولات عن المهام المنزلية.


في كثير من الأحيان، يختار الناشطون بالذات أن يلبسوا بطريقة تبرز فردانيتهم وتحتفي بها. هكذا ارتدى الهيبيز الذي عارضوا الحرب في فييتنام ورفعوا شعار السلام والحب، ملابس ملونة بقصات متحررة، سراويل متسعة ونقشات مبالغ بها مثل البيزلي او التاي-داي، كما تميزوا طبعا بشعرهم الطويل وبتزينهم بالورود. كان العنصر الموحد هو الشريط الأسود الذي ربطوه حول معاصمهم والذي رمز الى الفقدان والحداد على هؤلاء الذين لقوا حتفهم في الحرب.

في السنوات الأخيرة، تؤجج الاحتجاجات في أنحاء العالم برسائل بصرية تنتشر في الشبكات الاجتماعية مثل النار في الهشيم وسرعان ما تتحول الى ترند. بعض الأمثلة عل ذلك هو هاشتاغ “Black Lives Matter” او قبعة الصوف الوردية (أو ما يسمى ال “Pussyhat”) التي برزت في حراك النساء عام ٢٠١٦، احتجاجاً على تصريحات رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب المتحيزة جنسياً والفظة.


بهذه المناسبة، فإن الأفضل في هذا السياق والمتفوقين في اللبس بالاحتجاجات هم الفرنسيون طبعاً، الذين تعهدوا بالنضال من أجل العدالة والمساواة وكذلك بالحفاظ على ستايل لا هوادة فيه. حراك السترات الصفراء الذي خرج ضد ارتفاع اسعار الوقود، لون شوارع فرنسا وباريس خاصةً وحول، بين ليلة وضحاها، السترة الصفراء التي كانت ملقاة في جيب السيارة الى اكسسوار الساعة.